الصفحات

27 سبتمبر 2012

المسيرة الإلكتروني عمل مؤسسي بجهد فردي (حوار جريدة الجزيرة)

المسيرة الإلكتروني عمل مؤسسي بجهد فردي شريف بقنة لـ(الثقافية):
الترجمة الأدبية في السعودية مجرد جهود فردية تفتقر للدعم والتشجيع

الثقافية - خلود العيدان: الخميس 11 ,ذو القعدة 1433   العدد  381 | Thursday  27/09/2012 Issue 381
«هي محاولة لأنسَنة رقائق السيلكون؛ محاولة جادة تتوسل الإبداع والتنوير وتنأى عن المنمّط والمُستهلك توثق الأعمال الهامة في المشهد الأدبي العربي والعالمي وتؤكد وجود محتوى إلكتروني عربي قيم وثري» هذه العبارة ستشد انتباه القارئ بمجرد دخول (المسيرة الإلكتروني)، وسيلفت انتباهه أيضاً الانتقاء المميز والدقيق لمقطوعات ونصوص من الأدب العربي والعالمي وترجمات قام بها صاحب المسيرة بنفسه مقسماً إياها لستة أبواب تجمع (آسيا، أوروبا، أمريكا، إفريقيا وجائزة نوبل) والتي أطلق عليها الموسوعة العالمية للشعر والآداب. وبدخول عالم المسيرة ستجد نفسك بجولة ثقافية حول العالم ابتداء بالشعر الروسي، الإسباني، الإيطالي، البولندي، التشيكي والمجري وغيره مروراً بالفكر والفلسفة الصينية والسريالية والحديثة مصنفاً النصوص حسب البلدان ككولومبيا، أكرانيا وبلجيكا بقائمة تطول وتتنوع تمنح القارئ تنوعاً لذيذاً وتثري المحتوى العربي على الإنترنت بمادة غنية ورفيعة المستوى تستحق المتابعة.
من يقرأ  صاحب (المسيرة الإلكتروني) الذاتية ستصيبه الحيرة، فما بين كاتب وطبيب وشاعر ومترجم ستفقد بوصلتك القدرة على وضعه في موقع محدد. دكتور شريف بقنة اسم شاب سعودي أثرى وأمتع عبر بوابته الإلكترونية قرابة 800 ألف زائر منذ انطلاقته في 2010م، روى حكاية المسيرة لـ(الثقافية) منذ بدايته كموقع إلكتروني صغير في 2004م جمع فيه أجمل ما قرأ من الأدب العالمي مركزاً جهده على الشعر في البداية ليجد نفسه طارقاً أبواب الرواية، القصة، الفلسفة الحديثة، النقد المعاصر والرسائل الأدبية كما عرج على التشكيل والرسم أيضاً إلا أنه -حسب قوله - ابتعد عن الأخيرة لأسباب تتعلق بحقوق النشر والتوزيع. ويقع جهد (المسيرة الإلكتروني) بأكمله على عاتقه من ناحية التحرير واختيار النصوص وكذلك من الناحية التقنية والفنية.
جهده في الترجمة لم يقتصر على الموقع الإلكتروني فحسب بل توجه بإصداره الأخير  عن دار الغاوون 2011 - بيروت وهي أنطولوجيا شعرية احتوت على العديد من الأسماء الهامة في المشهد الشعري الأمريكي ذكر منهم تي اس ايليوت، عزرا باوند، والاس ستيفنز، ايميلي ديكنسون، مايا آنجيلو وآخرين وأشار إلى أنه عمد في كتابه على اختيار أهم القصائد التي لم يسبق ترجمتها إلى العربية بعد كما أكد أنه لا يحتكر المسيرة لترجماته فقط بل يدرج مواد لمترجمين أخر منهم إسكندر حبش، عبدالقادر الجنابي وسركون بولص.
وعن رأيه في الترجمة الأدبية في السعودية ذكر «أنها مجرد جهود فردية تفتقر للدعم والتشجيع المؤسسي والنقدي أيضاً، وإن كان هناك بعض المبادرات اللافتة في الترجمة مثل جائزة خادم الحرمين الشريفين العالمية للترجمة وفكرة إنشاء مركز وطني للترجمة والتي طرحته جامعة الملك سعود وترجمات العبيكان ومكتبة جرير إلا أن هذه الجهود لم تضع الترجمة الأدبية ضمن أجندتها موضحاً أنه أصابه نوع من الإحباط بعد تجربة إصداره الأول متمنياً جمع الجهود التطوعية بالترجمة في الأفلام والوثائقيات في عالم الإنترنت ضمن إطار موحد منبثق من وزارة الثقافة والإعلام ومن الأسماء السعودية الشابة التي تستحق المتابعة - برأيه - خلف القرشي وحسن الصلهبي.
ورغم أن جهده الإلكتروني واضح للعيان إلا أن  لم يكن أياً منها إلكتروني وكذلك الحال مع كتابه الأخير، موضحاً أنه لا يعتقد أن الكتاب الإلكتروني سينفصل يوما عن الكتاب الورقي، ولا يمكن للمكتبات الإلكترونية أن تحرق مثيلاتها الورقية، كل ما في الأمر أن النشر يتطور بشكل طبيعي يتلاءم مع التطور التكنولوجي، وربما أجمل حسنات الكتاب الإلكتروني هو سهولة الحصول على المعلومة وسهولة البحث والتقصي.
الحديث عن الأديب الطبيب ليس بالجديد ولا بالمستغرب إلا أن السؤال عما جمع الاثنين ببعضهما البعض يفرض نفسه في كل مرة، عن ذلك ذكر بقنة ل(الثقافية) أن الطب حياة ثرية وناجزة، مكتنزة بالعواطف والعواصف، معقدة أحيانا كثيرة وبسيطة أحيانا أخرى، الطب عالم مكتمل يطفر بالتفاصيل الإنسانية. أما الأدب فأشبه بالانفصام التام إلى عالم الخلاص والتحليق إلى عمق المعاني وجادة الرؤيا. الأدب تكريس وتتويج لروعة العالم الإنساني. الأدب والطب عالمان يواسي كل منهما الآخر وفي أحيان يمجد كل منهما الآخر وكلاهما لا ينفصلان بالنسبة له مشيراً إلى أن الإشكالية التي تواجهه هي الحصول على الوقت للمشاركة عبر عالم الإنترنت بشبكاته الاجتماعية وقنواته المختلفة فبالكاد يجد الوقت لتحديث مواقعه الإلكترونية فقط مؤكداً أن ما يحدث الآن في الشبكات الاجتماعية يدل على النضج التكنولوجي والمعرفي لدى الشباب متمنياً الاستفادة من هذه الأدوات معرفيا وثقافيا، فالانترنت - حسب رأيه - سهل ممتنع فيه الصالح والطالح أيضاً.

المسيرة الإلكتروني عمل مؤسسي بجهد فردي شريف بقنة لـ(الثقافية)