‏إظهار الرسائل ذات التسميات شريف بقنه. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات شريف بقنه. إظهار كافة الرسائل

04 ديسمبر 2019

رحلت ترتدي النهار - شريف بقنه


إلى ابني جواد

وداعًا لخجلِ الملاكِ، لقُبلة الصَّباحِ، لسرٍّ تُوشوشُ بهِ أذن أخيك فيضحك، لكيسِ حلوَى تقتسمهُ معه، لفرَحِك بصوت الباب يُغلُقُ عندما تجيءُ أختُك، لقَصّة شَعْرٍ جديدةٍ نفاجِئُ بها أمك. وداعًا لانضباطك، للاستيقاظ باكرًا، لواجب المدرسة، لملاءة سريرٍ تنتظرك مساءً عند التاسعةِ، لدعاءِ النَّومِ تُلّقنه أخاك، لتوّخي الملامةَ منِّي. وداعًا لاحتفالك، لرقصك عاريًا في المطرِ، لجمع حبَّات البرَدِ، لهتافك "فاز الهلال"، لقميصِ ريال مدريد، لثوبِ العيدِ، للعيدية، وداعًا للعيد مِن بعدِك.

16 يونيو 2019

اكتبها - شريف بقنه


وقدْ نعيشُ منتظرينَ لحظاتٍ لا نعلمُ عنها ولَا يتَّسعُ حدسُنا فيُدنيها وإنَّما تجتبيها صُدفةُ الأيَّام ونزَقُ الأقدار، لحظات تجلٍّ تتعطّشُ إليها الرُّوحُ ظَمْأَى وتقشر الحياة فيها نمَشَ المعاناةِ، تفكُّ أزرارَ قميصِها وتكشفُ عن حُسنها متكئةً على حافّةِ السَّريرِ، جذْلَى. اذهلْ في تجلّيكَ حينَها وابتهلْ سلوانًا لا يشوبُهُ ندَمٌ ولا يلحقُهُ استغفارٌ، ولا تفرِّطْ! لا تفرِّطْ بكلِّ ما فيهَا وأدّخرْ شيئًا منهَا واكتبْها.
اكتبْها على سُلَّمِ مخرجِ الطَّوارئ
فكلُّ ما تفعلُه حينَها 
محضَ عروجٍ سماويٍّ 
وكلُّ ما تكتبُه قصةَ نبيٍّ.
اكتبْها قبلَ أنْ ينتهيَ المشهدُ
يخلعُ الممثلون ملابسَهُم 
ويعودون لبيوتِهم في حارةِ النِّسيان.
اكتبْها قبلَ أنْ تتضاءَل
فالنَّدمُ  لئيمٌ والوقتُ قصيرٌ 
والأمانةُ كَسرتْ عواتقَ الرِّجال.
اكتبْها وأعلمْ أنَّك ستبذلُ 
الحبرَ مِن دمكَ والوقتَ 
من وجَعٍ يقرِّصُ بأظافرِهِ في قلبِك.
اكتبْها حتى تُفسدَ على الموتِ خُطَّتَه
تبعثُ الموتى من صدرِك أطفالًا جُدُدًا.
اكتبْها قبلَ أنْ تغادرَ السفينةُ 
وارمِ بالمرساةِ في محيطِ الحبْرِ،
ثُمَّ ارحلْ مطمئنًّا 
كمَنْ يعرفُ جيِّدًا أنَّهُ وقتُ الرَّحيلِ.

07 أغسطس 2018

هكذا تقولُ الحياة - شريف بقنه

لقاءُ عاشقَيْنِ في مكانٍ
عشوائيٍّ لأوَّلِ مرَّةٍ،
وجْهُ أمِّك،
نظْرةٌ مارقةٌ لامرأةٍ
تنفذُ في قلبك أعمق 
من سهْمٍ رشَقهُ صيَّاد،
وكأنَّ كلَّ شيْءٍ ناتج عنْ صُدفةٍ
بريء المقصد
طري وخلّاب،
هكذا تجتبيك الحياة.

الوقوعُ في الغرام،
سِحرُ امرأةٍ جالسةٍ
وساقَاها متقاطعتانِ،
الانحناءاتُ التي قاسَها الرَّسَّامُ
في لوحتهِ التجريديَّةِ،
عمَّا نفعلُهُ دُونَ أنْ نفكِّرَ
ولوْ للحظةٍ
ما الذي نقصدُهُ من ذلكَ!
هكذا تهادنك الحياةُ.

قصائدُ بلا قافيةٍ
روايةٌ بلا نهايةٍ
فراقٌ بلا وداعٍ،
سأمٌ يفتِكُ بك
لم تفعل شيئًا لتستّحقَّه،
وطغاةٌ يحكمون الأرضَ ويعيثون
في حياتك الفساد.
"ذلك يحدُث! إنهُ يحدثُ فقط
إيّاك أن تتعلَّقَ بوقتٍ محددٍ للنَّوْمِ
فلقد بدأ العالَمُ بِخطَأ."
هكذا تقولُ الحياة.


سانت بطرسبورغ
١٦ يونيو ٢٠١٨

12 أبريل 2018

الحوتُ الظمآن

سأعمل حطاباً في غابة النسيان
أسجّر النّار في جذوع ذكرياتكم الموجعة
وأكشط اللحاء الرَثّ عن أحلامكم
ناسياً قلبي موبوء بوَجْده.

مُصابٌ بعمى الألوان
وأحمل لوح الرّسْم فيه عشرة ألوان،
سألوّن لكم الشفق
يرفرف على شفته هُدْهدٌ وطنّان
حتى تليق بكم الأيام.
سأكتبُ عن مغامراتكم العاطفية
كيف كانت النظرة الأولى
والنشوة الأولى والقبلة الأخيرة،
وأذيّل رسائلكم
باسم الملاك الذي يحرس كَتفك
بلا رغبةٍ أو حلُمٍ
أو قلبٍ توجّته الأعوام.
سأضعُ قليلاً من ذكرياتكم
مع بعضاً من أمانيكم
وأمْزُجُ كل شيءٍ في إكسير حلُمٍ
سأخفُقُ التركيبةَ جيّداً
وعندما تُستَهلُّ الموسيقى التصوّيرية
عند درجة بهجة مئوية
سأغمسكُم تَحلُمون
وأترُك لكُمُ الليل بطولِه تثملون
سأسكُبُ الزّيت بعد كل حلمٍ
حتى ينزلق آخرًا،
لا تقولوا حينها
أنكم على قيْد الحياة
وإنما على قيْد حلمٍ
هاربين في الأبديّة.

لكم ما تريدون
ولي وحْشةُ الغريب
صمْتُ الجدار وأرَقٌ 
ينام في عيني،
أنا الحوتُ الظمآن
البيتُ الكبير
على ألا تسند بيدك على الجدار
فإنّه يتداعى.

شريف بقنه

15 مارس 2018

طويلاً جدّاً مثل منحوتةٍ لجياكومتي

أنجو من نشارةِ الكابوسِ بكفٍّ مُكابرةٍ تلوحُ من دياميسِ الوجعِ، لا تلبثُ أن يجزَّها منشارُ غيابِها. أهربُ من حصارِ فراقِها بقدَمٍ واحدةٍ تُقرفِصُ متعثّرةً في خرابِ صُوَرِها. 
عندما كنتِ ترقصين وفستانُكِ العوديُّ يكشفُ عن قدمينِ حافيتينِ، كنتُ أتصوَّرُ جاكسون بولوك يرسم لوحَتِهِ التجريديةِ ويرشُّ الزَّيتَ الملوّن هنا وهناك في لحظةِ نشوةٍ صاخبةٍ، والآنَ تغيبين طويلًا، طويلًا جدًّا مثلَ منحوتةٍ لجياكومتي. فراقُكِ موسيقى مرعبةٌ تجتثُّ أوردتي. غثيانٌ يضربُ الشوارعَ فتلفظُ كلَّ  ما تخفي، أهرولُ فيها نصفَ عارٍ حتى تبتلعني الأرضُ في كمينِ الفقد، أسقطُ وأنسى خوذتي عند الفوَّهة. أستسلمُ ظمآنًا لأشربَ من الضّبابِ، أجمعُ الغيْمَ في فمي وأسألُ الشمسَ: أين ظلّي؟ فلم يعُدْ يتبعُني!. منذُ أن قال آينشتاين: إن السقوطَ في الحُبِّ ليس له عَلاقةٌ بقوانينِ  الجاذبيةِ، لم أعُدْ أثقُ بالفيزياء. أثقُ في أشياءَ صغيرةٍ، لا تسمو للمعادلات. ‏أثقُ بخطوطِ راحةِ يدكِ الصغيرةِ تفسّرُ أصلَ الأرضِ وكيفيةَ الفَناء، أثقُ بحدود الآيلاينر حولَ عينيكِ حدودًا رسمها ستيفن هوكينج للكوْن.  
بعدَ أنْ ضاقت بيَ اليابسةُ وخانَني النّهارُ سِرْتُ مهزومًا على الماء، غيرَ أن ضوءَ القمرِ يعكسُ وجهَكِ الحزينَ على صفحةِ الماءِ. ملتحفًا بالسَّواد ألبسُ عباءةَ اللّيلِ حزنًا أتدثّرُ به، وأكتسي إحرامَ المحسورِ مُغمغِمًا أدعيةَ الكَرْبِ والفجيعةِ حتَّى أبلعُ فمي. لا يكلُّ اللّيلُ من غَسْلِ أرواحِنا المُتعبةِ كلّما نامت أجسادُنا، أنتهزُ الفرصةَ وأنصِبُ فخًّا للغياب، فينالُ منّي. أنتصرُ وأقولُ صدّقوني إنّني نسيتُهَا ولتذهبْ الى الجحيم. 
وذاتُ لحنٍ حزين، ذاتُ أغنيةٍ عشوائيةٍ من الرّاديو، نُسفتْ عن بَكرة أبي. 


٢ فبراير ٢٠١٧

13 يناير 2018

عُلبة سردينٍ لا تَتّسع لحُلم

علبة سردين لا تتسع لحلم - شريف بقنه
١
نشتاق لجراحِنا
ونسلِّمُ أجسادَنا لجلّادِينا
علَّنا نستعيد شغفَ المشاعرِ وسَلْوى الوجع.
أخطأتْنا الأقدار
وضعَتْنا في عُلبةِ سِردينٍ 
لا تَتّسعُ لِحُلم،
لو أنَّنا حلمْنا ولم نستيقظْ
أوِ استيقظنا ولم نحلُم
ليتَنا اكتفينا بالحبوِ 
ولم نرتدِ بزّاتِ رقصٍ 
ونحنُ لا نعرفُ كيفَ نقِف.
ليتنا اكتفينا بالنَّظرِ الى ندباتِنا 
دونَ أنْ تعترينا لعنةُ الفضولِ 
وننبشُ جراحًا أغرقَتْ أسمالَنا وأغرقتنا.

03 نوفمبر 2017

ثُقبٌ كَوْني - شريف بقنه


أحتاجُ لفُسحةِ ضَياع 
بعيدًا عن مواويلِ ملحمِ بركات وسيمفونيات تشايكوفسكي 
وصوتِ الطَّبلِ للخطوةِ الشَّهريَّة، 
بعيدًا عن قصائِدِ ريلكه وأحمدَ المُلّا وفلسفات شوبنهاور
بعيدًا عن همهمةِ مريضٍ على جهازِ الإنعاشِ 
والصدماتِ الكهربائيةِ لقلبٍ توقّفَ. 

أحتاج لبنْجٍ في مُسدّسٍ ماكرٍ 
أحملُه في جيْبي 
وأضغَطُ على زنادِهِ متى ما أردتُ 
أخونُ كلَّ شيءٍ
أصحُو في الأحلامِ 
وأنفضُ رمادَ الأيَّامِ 
وأسافرُ سُدًى عبْرَ شرخٍ في السَّماءِ 
في سديم التّشرُّدِ. 

أَسقْطُ في ثُقبٍ كَوْنيٍّ، 
فما أروَعَ الفناء 
على طريقةِ الكوْن. 
أحتاجُ للحظاتٍ (خارجَ النّصِّ) 
لارتجالٍ ينسفُ 
كلَّ المواعيدِ المكرَّرةِ 
لرُبَّما أعودُ بعدَ ذلك 
طِفلًا مِن جديدٍ 
لربَّما أعودُ وقد تبّخرَّتْ 
جميعُ الكُتُبِ التي كتبَتْها البشريّةُ 
ولنبدأْ العالَمَ مِن جديدٍ 
ونُدمِن أفيونَ المعرفةِ مرةً أخرى 
علَّنا نصِلُ لنتيجةٍ أقلّ ندَمًا.

شريف بقنه

07 مارس 2015

في كفِّها يُصلّي الحَمام (قصيدة)


١
التقاها على الأرض وسَقَط في السّماء
التقاها على مطلَع لَحْن حزين،
عن لَحظةٍ أحرَقَت ما قبلها وما بعدها
أشعلت الرّوح في تنّور الخَلاص
لحظةٌ جديرةٌ بحياةٍ كاملة،
طالَ بحضورِها سقف السماء
وكان يكفيه سقف الكِفاية. 

٢
أكتبُ على ضَجَرٍ من جمالها
 كيف يمكُن لجسَدٍ أن يطيق هكذا جمال!
جَسَدُها النائمُ على غَيْمةٍ 
نُدِفت من بياض الجنّة لتَسْتفتحَ الصّباح،
رائعةُ النّهار
في كفّها يُصلّي الحَمام
تنامُ أغنيةٌ وتُسهّدُ الألحان
‏صوتُها نغم المكان 
جَسدُها شهوةُ الفُستان
ونهداها المَنسك.

31 يناير 2015

الأرض لاتستحق مزيداً من الأنبياء (قصيدة)


( أقوّض كل شيءٍ في كلمات.. و أستريحُ بالانتهاءِ مقوّضاً ذاتي.)

1
بخفيّ حُنين ركضَ عارياً .. عارياً جداً! 
حتى أنّه يمكن أن ترى قلبَه مهدوراً في غرائزه، 
لم يرُق لهم ذلك النقاء،
حفروا حُفرة! وردَموا عُريه.

2
تركَ المَكان، 
و قرّر أن يستقرّ في الزّمان.

3
الوردةُ التي شقّت جلمودَ الصّخرة،
شقّ على الرّيح ارتفاع عودِها.
حملتها ذابلةً ودفنتها في قلبي.

4
عندما ضاقت قُضْبان صدره،
وضَع قلبَه على فزّاعة الحَقْل
فلم تسلَم من مناقيرِ الغربان.

06 أغسطس 2013

مُـدنُ العُـزْلة

 (مدن العزلة) شريف بقنه الشهراني - المؤسسة العربية للدراسات والنشر – بيروت 2007

1
مُوسيقى تغسلُني في الّليل..
كائناً كونياً..
كلّ يَوْم عنده
.. عالمٌ بأكمَلِه،
أولُدُ في أوّلِـه
وأموتُ عند ساعة الصّفر.
أرمي برباطِ
عربَتي إلى النُجوم،
لو أكتَفي بهذِه الأرضِ
واترك ذلك الكوْن
مخذولاً
في صَدْري.
2
رأسُ هذا العالم حَرْب
وقدَميّه حَرْب
و بينهم الصابئين
مدمني البّارود.
رأيتُ مُدُناً تفرّ خِلْسة
في ظلمة الليل،
تستَحِمّ في ماءِ القُرى.

06 يوليو 2013

تدليسُ الرّتابة

"ومالذي يمكن أن نطلبهُ من هذا الكوكب الشقي الذي تتسكع فيه سوداويتنا وكآبتنا عدا الأفكار الشاحبه التي قد تساورنا عن هذه اللحظة ؟" 1

I
حشرَني عُكاشةٌ في الحُلْقوم.!
رفَثُ الأرض ينزلقُ من فوْق تُرقوتي
و الشكُّ ينخلني سويْعات تكليف
مسؤولية مَحْسور لابد لها أن تُستهل،
ليشارف العالم على الانتهاء.
إنني غاية لا تُبرّر..
تبحثُ عن تأويل،
أخونُ ديمومَتي كل مرّة و أنامُ في حِرز الظلام..
و أفشل بالتأكيد كلّ صَباح حتى اللّحظة في الاختفاء من
سَريري.
وفي كل نهار كنت أظنُّ أنني أستَفيق..
غيرَ أنني كنتُ أتحَلّم.. .
أتضاعف...
وهُنا طامةُ التحليل..
و فضيحة المتّقين.،
تنالُني مُدجّجاً بالاضطِهاد
أتملّص عن المَقْصود و أتحرشف،
تتخبّطني الأوهامُ في قَرقعة الصّقيع
أن أُصَبّ تمثالاً جليديّاً على شَفَةِ الشّارع اليابسة.،
أخَرّز قسوة الألماس..
أتفسّخ خِرقة صمّاء.

11 ديسمبر 2012

بقية تكاثر

قلمٌ رصَاص نحيل يخترقُ صدريّ المُقعّر للمرّة اليوميّة المُتكرّرة فتجدُني كمصلوبٍ أسطوريّ هزيل عبرةً لغيري من الدواب المَريضة. من يُدركُ هذه الزَخرفةُ من المُنحنيات الدّقيقة، ما نُسمّيهِا اعتباطاً لُـغة، أعزّيه من كلِّ يأسي على إضاعة جهدِه و فرصةَ بقائه في غير عمليةِ التّكاثُر الحيوانيّ. إن هذهِ الأنسَنة الوهمية، ما نُسمّيها مجازاً مُجْتمع، إن كانَت قضاءً فهو عقاب لتطاولٍ سالفٍ أكيد ذلك أنها لا تجيب أبسط أسألتنا!و إن كانت اجتهاداً فهي تضليل لدرجة الضياع! وإلا بماذا سيكون هذا الكائنُ مُميّزاً إن استأصلنا عضوهُ التّناسلي! ماَجعله كائناً غوغائيّاً! بين عطفه و شهوته تقطّعت به الطرق وأضاع فرصة تطوّره! استسلم  لأنسنة لم تقو على تقريب المُفارقة. إنّ الأخلاقَ كذبةٌ نتخبّاُ وراءها لتعليل ورْطةَ شعورنا بكهرباء الأحاسيس المضرمة في دمائنا المشؤومة. إنّ هذهِ الإنسنة المتنافضة تؤلمني، ولا أستريح إلا عندما أختصر تعريف هذا الكائن باعتباره بقية تكاثر.

25 نوفمبر 2012

الإنسي

أتذكّرُ حينما تلفّتَ النائمُ وقال لي: وجودُك أسْعَدني فلم أكُن أعلَم أنّني في حُلُم حتّى أفقتُ بك. فقلتُ: إنّ وجودي لا يُؤكّد إلاّ أنك مخدوعٌ تَنامُ حلماً آخراً.

تظنُّ أنّك مَقذوفٌ في مِضْمار السّباق تزاحمُ الأوغادَ وتتسوّل! تواطأتَ معهُم وغلّقْتَ ثُقوبَ السّماءِ فتُهتَ بعميهم. جُعبتكُ مِفْرَزةُ الضّلالِ، و لأنّك مَخلوقٌ استثنائيّ ترقَى بتخيلاّتك مراتِب القُدَرات الفائِقة، جازَ لكَ لياقة، أن تكونَ الوحيد الذي يختبّأ في سَراويل و ذلك لا ينفي فَرضيّةَ أنّك الماكرُ الأكثَر خبثاً تخبّئ داهيتَك في خِرْقتك. و إذا كُنتَ تعتقدُ أنّ الأرضَ قاطِبة تنصاعُ لإمْرتك، فلتَعْلم أنّها لمْ تُخْلق لأجلك، و أنّك مجرّد نِظام بَيولجي عابر يعيشُ تجربتَه و كلّما أفسَدَ فيها كلّما انقرض. و إن قُدّر للبشريةِ فلم يستطع أحَدٌ أن يَبقى عاقلاً!. فلا عُذر لك! ولن يَبقى حينها غير خطأك! وستَقْضي في ذات اللحظةِ قاتلاً ومقتولاً. وطالَما وطأت بقدمِك علامةَ الشّارع فلتكُن على تحسّب أنك قد تُغدَر فتنهدرُ على رأسك قمامةُ السّماء، أو قد تُغدَر (من دون معجزات) فتهرَم كهلاً كسيحاً بجلبابِه المغبرّ يهيمُ بمسّه! يحملُ في جيبه عَجْز أنثى ماتت محترقةً وينتهي قدَره المشؤوم بالمَوتَ رجماً بالحجارة.

30 يوليو 2012

التَحوّلات

 (مدن العزلة) شريف بقنه الشهراني - المؤسسة العربية للدراسات والنشر 2007

أرضٌ.. منذ ماموث ويافث،
لكِنها تبَدو طازجَةً جدّاً..
لتحولاّتي. 

I
لحظاتٌ إكسيريه.. 
تبلّل فيها النورُ و سَلى
كمْ أحِسّ أنّني مائِعٌ أرضيّ مُبرّد.!
نتٌوء يتعرّى علَى نَشَقَ المَوْت
أغورُ في زُلالِ خُسوفي الكلّي  
أمصَاراً، فَواجع ..أماكنَ مؤجّلة.
مِنْ فَراغ.. 
تلكَ القوّةُ الخَلاّقة.


أناشيدُ موْت مُنفرد

 (مدن العزلة) شريف بقنه الشهراني - المؤسسة العربية للدراسات والنشر 2007
 النشيد الأول
(وادي العـالم) 
_________________________

عندَما تَرنُّ ساعة المُنبّه
قرب رأسِك الموسّد..
كلّ صَباح،
تذعرُ العصافيرُ من نافذتك
و يبتدىء الفَساد.


كسّارة البُندق

 (مدن العزلة) شريف بقنه الشهراني - المؤسسة العربية للدراسات والنشر 2007

إلى بيتر آيليش تشايكوفيسكي

I
على أرجُوحةِ نُحـاس
من بقايا خَلْق المجرّات،
نتهدّجُ بخشوع ووقار
إجلالاً وتكريماً
لحُزْنك السّامق
أيّها المَهيب.


II
نتسلّقُ نشوَة كلّ مرّةٍ [1]
ظفائرَ متورّدةً من نور ونار،
نشعِلُ فُسيْفساءَ النّهار بأكمله
..في حُلُم الظّلام.
ومن فوق قبّةِ العرائس
نتساقطُ بألَق بجعات الفَجْر
في بحيرةِ الّليل الإنسي.

أشعارُ التّالف

 (مدن العزلة) شريف بقنه الشهراني - المؤسسة العربية للدراسات والنشر 2007

أفتّشُ عن فِكرة فاسِدة
أبلّلُ بها نُخورَ جُمْجمتي 
العِجاف،
لُبّدةُ تخيّلاتي 
لم تَنبسْ اليَوْم 
بأي شَيْء ينفي الحَياة..
أيّ احتماليّةٍ
أنطعِجُ فيها بَيْن مِطرقةٍ
و سِنْدان،

سُونيته الشّاعر

 (مدن العزلة) شريف بقنه الشهراني - المؤسسة العربية للدراسات والنشر 2007

أمِيرٌ نَقيٌّ يصْطفلُ بين مَرايا مَنْسكه 
إيثار من يَكتفي بذاتِه مركزاً للكوْن.
كان في صِباه قد خرَجَ  مَسْلولاً يقاتلُ
 الأبديّة ولَمْ يعُد إلى داره من حينِها، 
شقاءُه القَهْري كلما انحسَرَ في سويداء
قلْبه يشعُر برغبةٍ عارمة لاجتياح الفِضاء.

03 يونيو 2012

وتَـدٌ خَـدِرْ

كيف تتذكّر الذكراةُ رَسْمي..
تحملهُ الذّاكرة على وتدُ فِصام خدِر..
علاقةُ أمّي! علاقة حبيبتي! مُتتَاليات، ألوانٌ قُزحيّة تتلَوْلب وأشباهُ اختلاجات. عقدة علاقات تُبقي على جَدْوى الإنسان، ليس لي أن أنتقدَ المَشهدَ فأنسلّ إلى مراتب التجريد القاصية ولكنني لم أقو على طَرد "فكرة التّبِعات"، قشّة أخرى قسمت ظهر الدابة!. 
إنّ نوباتِ الانفصَام الخدَري الروحي المتواترة نحو فراغٍ في غاية التجريد والسيلان، مرحلةُ عبقريّة الشاعرية حيث لن يكون معك أحد! هذا لا يعني بأيّ حال أنني أدّعي العبقريّة و إنّما يؤكّد أزلية السّحر المُتقن لفكرةِ الكوْن. إنّ مُتعة التّماس الخُرافي للدواب الخَدِرة عبر مستويات ليسَت ماءً ولا هواءً ولا زُجاجاً و إنّما خواء، مُتعة الفَوْز الحَلال.

تحملهُ الذّاكرة على وتَدِ فِصام خدِر..
إنّ المفهوم الذي يحملكَ سيتبرّأ منك بحتميّة الوقت وعبثيّة الموْت وسيذهب بعد ذلك إلى منتهاه، أحاولُ أن أفهمَ كيف يُمكنُ للمفهومِ أن يلبس ثوبَ الوسيلةِ العذراء، إنّني لا أنقدهُ أو أتجرّأ عليه فهو يحملُني كذلك وهذا أقلّ عِرفان الجميل، إنني أمارسُ مُتعة التّماس وسأتكبّدُ التنكيل في رحلةِ العودةِ إليكم. 


-------------------
مجموعة (مدن العزلة) شريف بقنه الشهراني - المؤسسة العربية للدراسات والنشر – بيروت 2007

استسقاء لقَلْبي


(على الرّغم من دَمَعاتٍ ناعِماتٍ تترقرقُ على وجنتيه كلّما استقبل الكَعْبة... إلاّ أنّه لايَزالُ يعيش غُربة مأساوية مع الله والكَوْن.)


تأبّط شزَراً...!
وانتحى..
إنّ قلبي عبد الأرض مغلّلٌ بالأصْفاد، يُنبتُ الحديد المُشوّه في كل ناحيةٍ من الأرض ،و يجتثُّ جسَدي سبعة مراّت حتّى أنفَدْ، فلا أعود إلا بعرقوبي المُعلّق وانتصاب عمودي لجذعي اليافع، ينتصب بمسَامير فولاذية تصلبُني من أقدامي صَوْب نواة الأرض فأتعلٌّق منبعجاً من القشرةِ، تماماً مثل زنبرك لولبيّ يتأرجحُ في أعلاه رأس دُمية مُبتسمة و عَوْراء (هل من تقصّد للتنكيل أكثر من هذا!)، ليس لديّ أيّ امتنان لقدرتي أو براعة حوْلي لمجرّد بروزي و ارتفاع قامتي لأنني غايةٌ مختفية أو أنني بلا غاية أو لعلّني لا أثيرُ أي فضول غير معرفتي المُتخبّطة لتبحث في ظروف انتصابي أو انشفاطي.

تأبّطَ شزَراً...!
وانسحب..
إنّ قلبي كذبةُ الدائرة أمكثُ فيها، في اللاّشيء الأغبر المحيط يجيءُ مُختلساً من الوراء في طعنةِ اللحظة الخاسئة، إننّي عندما أتجرّدُ وأهرولُ أو أقفُ في أفق المواجهةِ الحتمية وأستنفدُ بقائي كرأس نعامةٍ تختبئ والصبيان يزمجرون ويولولون حَوْلي و ينتفونَ من ريش ذنبي المكوّر حتّى تنفضحُ سوْءتي! أصرّ على ذلك الابتذال السّافر فيرتطمُ ببشرتي أقزامٌ من أرقام الرياضيّات المُسيّرة من ذاك الشّفق البرتقاليّ الشهير، من هناكَ أقصى ما يمكنُ لعيني المائيّة أن تَجَسّ، أصطدمُ هكذا جعجعةً فترى دُخان الحروب الغبراء وتتزلزلُ الأرض من تحت قدمكِ الرخويّة، أتلاشى هكًذا روْعةً لانسجام دراماتيكي مُدهش! (هل من ازدراء لوجودي أقوى من هذا)، ليس لديّ أيّ عِرفان لنشاطِ روحي المُتفانية لمجرد تصادم رقمي قزميّ آخرَ يتدحرج نِرداً كرويّاً غير مُرقّم في صفحةِ أفق لن تفهم غير المُعادلات.

 تأبّط شزَراً...!
ودلَف..
 إنّ قلبي يستفيق استسقاءاً أو حدَأة أو غثيان تفاحةٍ فاسدةٍ أو عرَاءً أو قصَعة أو مَنْظر سَجَق مُقزّز أو لعل قلبي يستمتع بالتنكيل نيابة عني! أيّ استقطاعٍ تعسّفي وتَكليف كريه أن تقابلَهم متبسّماً وتلبَّس احتمالاتك المفترضة كل يوم! محض سيطرة لتعريف يغتصبك فتتدثّر وتتقدّمَ بغلافك المعتبرُ أنموذجاً حيوانيّاً متطوّراً لتنجح في تواصلِك معهُم كل يوم! وتنافقُ عَياناً بالانقسام المُخجِل لما يتشرنقُ من اعتبارات انطوائيّة بتلقائيةٍ عالية السرّية في ضباب مخيّلتك الخصبة، وما تتقنّعه بانثناءاتٍ صفراء وقَسَمات رصينة في جِلدة وجهك المُنمّق عند لقاءك أنثاك، بما أنت لهُ و ما نتواطؤ على افتراضه لحظة التّماس، تماماً عند هذا الدهاء الماراثوني البشريّ الفريد، لن يكون هُناك شرارةُ تماس وإنّما احتباس.. وفي غرّتك فاس، ولتعلم حينها أن جائحةَ السّماء انفلقت على مِصراعيها ومُسِخْت خِرقةَ خِصام.

تأبّط شزَراً...!
ونأى.. 
إنّ قلبي يستحيل فَتْقاً أو سِحليّة تستعبدُ فرائصي أو تَضاداً أو نظرةَ الفُجاءة أو زُجاجاً تحت أقدام الفتيات أو لعل قلبي يفتدى بجسدي جزيةً عنه! وفُجائية حدوثي لا تُبرّر سَوْءتي؛ فقد يزلّ يوماً وسيزلّ حَتماً رباط سروالك فيتبرّؤون ويتشمّتون في قحولةِ أساساتك العسِرة وكأنّهم عصفورات شفّافة مرسومة بقلم ماء على كَتِف الهواء، فلا تفهمُ معنى أن تطأ قدَمٌ طينةً تتراكمَ تحتها أجساد نافِقة حتى طفحَت سُرّة القطب الآخر لكرتنا الأرضيّة الحُبلى الخرساء، لن تستَحي في تلك الزلّة العطوفة لأنّها الخَلاص الأبدي، بل ستتفنّن تلقائيّا بالتحرشف المُصرصر لما بقي لك مما تعرضهُ لاستهلاك الوقت المُستمر، شيئاً يعونه خلاعةً والذي حقيقتهُ لبّة الكمثرى العذراء.

تأبّط شَزَاراً...!
وراح..
إنّ قلبي يحاولُ التفسّخ عن فرائصي، هل تسمعون الصرير عندما أرتفع! أتلقّح بلوَثِ الاندِثار والاضمِحْلال والتّلاشي والخُفوت والنّفي والازدراء والانتقاص فالمهاجَمة والاقتلاع والخلْع والفجور، مَحْضُ قشعريرةٍ ملعونةٍ تتشرّب النّسيج المُتناهي في الصّمود لأدَمة إنسيّة فلا يُحسّ بهذه البشاعة المُرتكَبة الخرقاء أو جُنديٌّ يحتضرُ طويلاً على جبهة حَرْب شعواء.

تأبّط شَزَاراً...!
وقَضى..
الانتقالات الظرفية وعملية الهَضم..
أفكار تبعثُ على المَلل والغثيان.
(سيّح دَمَه..)
ولينفلتُ فجرٌ جديد ُمُفعمٌ بالأنوار،
حيث الألوانُ لا تزال تعقد شِفْرتَها مع النّهار.

-----------------------------
من مجموعة (مدن العزلة) شريف بقنه الشهراني - المؤسسة العربية للدراسات والنشر – بيروت 2007