06 يوليو 2013

تدليسُ الرّتابة

"ومالذي يمكن أن نطلبهُ من هذا الكوكب الشقي الذي تتسكع فيه سوداويتنا وكآبتنا عدا الأفكار الشاحبه التي قد تساورنا عن هذه اللحظة ؟" 1

I
حشرَني عُكاشةٌ في الحُلْقوم.!
رفَثُ الأرض ينزلقُ من فوْق تُرقوتي
و الشكُّ ينخلني سويْعات تكليف
مسؤولية مَحْسور لابد لها أن تُستهل،
ليشارف العالم على الانتهاء.
إنني غاية لا تُبرّر..
تبحثُ عن تأويل،
أخونُ ديمومَتي كل مرّة و أنامُ في حِرز الظلام..
و أفشل بالتأكيد كلّ صَباح حتى اللّحظة في الاختفاء من
سَريري.
وفي كل نهار كنت أظنُّ أنني أستَفيق..
غيرَ أنني كنتُ أتحَلّم.. .
أتضاعف...
وهُنا طامةُ التحليل..
و فضيحة المتّقين.،
تنالُني مُدجّجاً بالاضطِهاد
أتملّص عن المَقْصود و أتحرشف،
تتخبّطني الأوهامُ في قَرقعة الصّقيع
أن أُصَبّ تمثالاً جليديّاً على شَفَةِ الشّارع اليابسة.،
أخَرّز قسوة الألماس..
أتفسّخ خِرقة صمّاء.

II
أي بَقاء يتّصلُ فيُقشّرني مثل موزة تُتمتم ..
"غير أنّه ليس لك.. إلاّ تكرار ذاتك" 2
فأتكرّر حتى اللحظة التي أسكرُ فيها مغناطيسياً وأرتجف..
.. هناك في عويص لاوعي القاصي،
تنسلُّ قوةُ طَرْد مركزيّة راقية، تُمغنطُ بشكل مُذهِل كتلاً متناثرة أمامي
مشهدُ انحرافي الضّال عن درجةِ التردّد المُنجية.!
الشكلُ الرياضيّ لهذا العَبَث الكهربي الأهليجي يضطرّني لتحليل الموقِف
و كل كفّة في ميزان الصحّة أو الخطأ لابد أن تكون مُتناظرة لتحليل الموقِف
- مسيرةُ العَقْل لا بدّ أن تبقى سليمة –
إنّني ثقةٌ حائرة عن التِماساتٍ رياضيّة مَزْعومة..
هندَسةُ الظلال تعمرُ الدّنيا ونحن رقائقُ سيلكون مُهرقِطة..
تُحدّد حيّزاً تَخيّلياً فيه مَنظومة قاسية،
الأبعادُ عندها تتحقّق بتحفّز مُشين..
تتأفّق هكَذا.. فلا أتذكرُ غير الأوامر.!
و أنتَظر..،
أتوحّدُ مُنكفئاً مع قُمْقم خَلْوتي؛
الكآبةُ كنزٌ لا يفنى.. و أستحي..
تلتفُّ المفاسدُ تَلتَقِفُني! لا أهتدي بل أحتَذي..
أشحذُ همّتي على رؤوس الأشهاد..
على الشَعْرة الحَمْراء المشهورة..
تحت سريري.. لا أنتحي..
بل أمّحي..
أتذكّر أنني ممحاة..!
تمسّيححح..

III
عن سِحْليّة رَقطاء تسلّلت من كُمّ ثوبي و عثَت فيّ الفساد ..
أعيش في فاقّة النّسيان!..
في بقعة توجّس..
حيثُ وجودي في هذا اللحظةِ بالذّات محْضَ إسْقاط توقّعيّ خاطئ،
أفترشُ الكفافَ في بَطْن أمّي
لا أحيد،
و أستحيلُ زوائدَ مُنكر لو تعطّل الوقت لنَفْحةٍ..موهنة،
هَلْ أكونُ لو فشِل الوقتُ لثانية!
أي بديل ليضطهدني!
أي تواطؤ ينشُرُني مُفكّكاً على فَتيل القدَر لـ24 ساعة..
مُستحيلة،
كان كل ما فهمته من اتصالي المُدهش،
"لا يلدغُ المُؤمن من الجُحْر مرّتين"3
وثقة غير مبرّرة بأنني سأشاهدُ حياتي مرة أخرى مثل فيلم
سينمائيّ تليد..
و البقيّةُ تبخّرت بعد يقَظَتي من قَيْلولتي في جحيم دانتي.،
مَخدّةُ القَادم تترهّل و تَجثمُ على بصيرتي
إنني أفتقد أدنى مُستويات السّيْطرة على ذاتي
أتعلّمُ مائي...
وأفور..

IV
انفطرتُ سِحْرَ إسْفَنجةٍ مُخلّقة..
نُفخ فيها شيئاً من روح الله!
و تُركت وحيدة تنفُث..
حتّى يُنفخ في الصّور..،
يزعّق من جَوْفي صريرُ قُضبان قِطار الجنيّة الصفراء..
أتمنّى أن لا يسمعه أحَد.!،
أقنصُ ارتقاء سَقْف الأفق..
يَلْتفُّ سَعَفٌ سماوّي مَهيب..
يُخَلْخلُه أشراسٌ مُجنزرة!،
و تَحْت سريري..،
أنحلُّ أنا في أهزوجَةِ الرّيح..
و ما أن يَلْبس الّليلُ جوْاربَه حتّى التأمْ
انغَزل..
"شكراً للأشواك فقد علمتني كثيراً" 4
أي موضة فاسدة تلك يا صاح!
قُمامةُ السّماء تنهدر على رأسي
تبصُقُ مُضغةَ الحقيقة على وَهْن..،
عن مادّة صِرْفة
علَقَتها مُرّة..
لكنني لست رجلاً آلياً!
إنّني آلام.!
يالهَذهِ الهيستريا التي تبعثُ على الشفَقة،
أن لا يبقى على وَجْه المَعمورة غير أجسادنا الثديّة تسوق البقاء
تحتثّ شبقَ البقاء..،
نتفنّن هكَذا.. ماهيّةَ استمرار مُجرّدة..
نتمخّضُ فسائلَ تجهّم و دهشة لا تنتهي!
.. زقّوم ينبت من صلعتي،
هل سمعتَ يا عبّاس عن الأحَاسيس (الفَوَرانيّة)
لا،
فلقد شبعتُ من الموت.

V
هكَذا نِمْتَ و تركتني..
على قارعة الفَرسَخ..
أقضُم خشاشَ قميصي..
و من فَوْق بطني و سرّتي تسيحُ ألوان عبائتي..
لكأنني.. ممحاة إبادتي..
لألتوي وأرتوي..
.. في زَفَر السّماء و أنتهي.


1 كولن والسن
2 بول لافورغ
3 محمد رسول الله (ص)/ حديث شريف
4 طاغور
‏أوائل ابريل 2005
(مُدُن العُزلة) د. شريف بُقنه الشّهراني - المؤسسة العربية للدراسات والنشر/2007 – الطبعة الأولى