الخميس، 15 مارس 2018

طويلاً جدّاً مثل منحوتةٍ لجياكومتي


أنجو من نشارة الكابوس بكفٍّ مُكابرة تلوّح من دياميس الوجع، لا تلبث أن يجزّها منشار غيابها. أهرب من حصار فراقها بقدَمٍ واحدةٍ تُقرفِصُ متعثّرةً في خراب صُوَرها.
عندما كنتِ تمشين و فستانك العوديّ يكشفُ عن قدمين حافيتين، كنت أتصوّر جاكسون بولوك واقفاً فوقَ لوحَته التجريدية يرشّ الزيت الأسود هنا وهناك في لحظة نشوةٍ صاخبة، والآن تغيبين طويلاً، طويلاً جدّاً مثل منحوتة لجياكومتي.
فراقك سيدتي مثل موسيقى فيلم هالووين المرعب تجتث أوردتي. غثيانٌ يضرب الشوارع فتلفظ كل ما فيها، أهرول فيها نصف عارٍ حتى تبتلعني الأرض في كمين الفقد، أسقط وأنسى خوذتي على الفوّهة. أستسلم ضمآناً لأشرب من الضباب، أجمع الغيْم في فمي و أسأل الشمس: أين ظلّي؟! فلم يعُد يتبعني!.
مذُ أن قال لي إينشتاين أن السقوط في الحب ليس له علاقة بقوانين  الجاذبية، لم أعُد أثقُ بالفيزياء. أثقُ في أشياء صغيرة، لا تسمو للمعادلات. ‏أثقُ بخطوط كفّ يدكِ الصغيرة كمَحاور رياضية عن أصل الكون و كيفية البعث والنشور، أثق بحدود الآيلاينر التي رسمتيها حول عينيك حدوداً للكوْن رسمها ستيفن هوكينج.
بعد أن ضاقت بي اليابسة وخانني النهار سِرْتُ مهزوماً على الماء، غير أن ضوء القمر يعكس وجهك الحزين على صفحة الماء، تبّاً لهذا القمر!. ملتحفاً بالسّواد ألبس عباءة الليل حزناً أتدثّر به، و أكتسي إحرام المحسور مُغمغماً أدعيةَ الكَرْب والفجيعة حتّى أبلعُ فمي.
لا يكلّ الليل من غَسْل أرواحنا المُتعبة كلما نامت أجسادُنا، أنتهز الفرصة و أنصب فخّاً للغياب، فينال مني. أنتصر و أقول صدّقوني إنني نسيتها ولتذهب الى الجحيم. و ذات لحنٍ حزين، ذات موجةٍ عشوائيةٍ من الراديو، نُسِفتُ عن بكرة أبي.

شريف بقنه