الخميس، 15 مارس 2018

الطبيب يداوي جراح الجسد والشاعر يداوي جراح الروح


صحيفة آفاق الجامعة (جامعة الملك خالد) - العدد 225 - فبراير 2018
ريم العسيري

ما  الذي دفعك إلى دراسة الطب  على الرغم من  ميولك الأدبية و الحس المرهف الذي تملكه كشاعر ؟ 
أعتقد أن ممارسة الطب و الشعر تتجاور ولا تتعارض، لا أومن أن الشعر او الرواية يمكن أن تكون وظيفة أو تخصّصاً على الرغم وجود شعراء وروائيين محليين و عالميين ممن جعل عمله وتخصصه مقتصراً على الكتابة، التجربة و ممارسة الحياة بشكلها الطبيعي التلقائي، بصخبها و هدوءها هو ما يصقل الكتابة الحقيقية. وحدَها الأشياء العظيمة مايجعلني أكتب، و من هذه الأشياء الطب. 

ما   الأحلام التي كانت تدور برأسك  أثناء الدراسة الجامعية ؟ 
الأحلام والأماني كثيرة لا مجال هنا لسردها، مع مرور الأيام تتواضع الأحلام و تكبر المعاني وتظل تفعمنا بطاقتها كل يوم. 

أين أصبحت اليوم بعد  ما يزيد عن 10 سنوات  من التخرج ؟ و هل وصلت  إلى المكانة التي كنت تطمح للوصول  إليها ؟  
أعتقد أن ما يهم هنا، أنني عالجت الكثير من المرضى، و ساومتني الحياة و علمتني الكثير فكتبت عنها كثيراً، و أشياء أخرى أيضاً. لازلت بذات الشغف والرغبة للتعلم والتجريب سواء في الطب / الشعر أو الحياة. 

ما الذي علق في ذاكرتك من مرحلة الدراسة الجامعية ؟
أبها العروس الفاتنة. ضبابها ذات صباح جميل، جبالها عند الغروب، والمطر و الغيم والبرَد، و أخيراً الأصدقاء بالتأكيد. يالها من أيام خالدة. 

هل كان للجامعة و مرحلة الدراسة الجامعية  أي دور في صناعة  شريف الشاعر  أو  دعم موهبته الشعرية؟ 
ربما، أعتبر الدراسة الجامعية أحد الفصول المهمة في حياتي وبالتأكيد شكلت شيئاً من كتابتي بشكل مباشر و غير مباشر، لا أستطيع أن أكون محدداً في هذا الناحية كون الشعر نتاج مستمر غير مباشر للتجارب و استكشاف بطيء لتخوم الروح. 

هل لمهنة الطب أي تأثير على شعرك ؟
الطب أحد أكثر التجارب الناجزة إثارةً و تنوعاً، يختلط فيها  الفرح والحزن، الإنجاز والفشل، التحدي و الإستسلام، والحياة والموت، هكذا أظن أنه سيترك أثره. 

 ما أهم مؤلفاتك ؟
 (مقتطعات الرنين) مجموعة شعرية / المؤسسة العربية للدراسات والنشر 2004 بيروت
(مدن العزلة)  مجموعة شعرية / المؤسسة العربية للدراسات والنشر 2007 بيروت
( مختارات من الشعر الأمريكي)  أنطولوجيا شعرية مترجمة / دار الغاوون 2012 بيروت

ما الذي يميز كلاً من شريف الشاعر و شريف الطبيب ؟
في كلاهما شريف، قد يكون غيري أكثر دقة مني للتفريق بينهما. 

 الطبيب يداوي جراح الناس ,  الشاعر ماذا يفعل بهم بإعتقادك؟ 
 الشاعر لديه مهمة كونية و إنسانية، الشعر يختصر جمال الوجود و يقشر الحقيقة المختبئة للأشياء، إنه الصلة بين الروح والجسد، بين الواحد و الجماعة، بين الأرض والسماء. فإذا اعتبرنا أن الطبيب يداوي جراح الجسد فإن الشاعر يداوي جراح الروح و أكثر. 
 ‎
  متى بدأت بترجمة الشعر , و ما أهم جهودك في هذا الجانب ؟
بدأت الترجمة منذ مايزيد عن عشر سنوات بقليل، وكنت مهتما في البداية بالشعر الأمريكي الحديث، وبعد دراسة و تحليل قدر جيد منه أصدرت أنطولوجيا شعرية تحتوي قراءة وترجمة لأهم شعراء أمريكا في المائة عام الماضية، صدر الكتاب سنة 2012 عن دار الغاوون ببيروت ووجدت أصداء صحفية ونقدية جيدة. أعمل الآن على كتاب آخر يحتوي قصائد شعرية عالمية مختارة من مدارس و حقب زمنية مختلفة، أتوقع صدور الكتاب قريباً انشاء الله. 

 هل   يمكن اعتبار  ترجمة الشعر عملية إبداعية  ؟ 
الترجمة الشعرية متطلباتها و نظرياتها عديدة. يجب على المترجم أن يملك أدوات معرفية واسعة للغته الأصل  كما يجب أن يكون كذلك في اللغة الأصلية. و للتبسيط؛ يمكن القول إن  القصيدة المترجمة في شكلها النهائي يجب أن تكون القصيدة كما لو أنها لم تترجم و أن تحافظ على ذات المجازات والاستعارات والوزن والرمز و غير ذلك من المقومات التي  كُتبت بها في لغتها الأصلية، هكذا فأن ترجمة القصيدة كتابة جديدة للقصيدة. 

هل كان لك أي  أنشطة و  مشاركات أدبية و ثقافية أثناء الدراسة الجامعية ؟ 
نعم أصدرت كتابين حينها، و شاركت في عدد من الأمسيات والندوات الأدبية و غير ذلك، لكن لم يكُن أيّاً منها تحت مظلة الجامعة. 

كيف توفق بين مهنتك كطبيب و شغفك بالشعر و الترجمة  ؟
 الطب مهنتي وهوايتي و الشعر والترجمة هوايتي، و كل واحدٍ منهما وقودٌ للآخر، أظن أن تقسيم الوقت مهم جدّاً، كذلك ترتيب الأوليات. 

ما الدعم الذي  تحتاجه المواهب الشعرية  الناشئة من الجامعات و المؤسسات الثقافية  باعتقادك  ؟
الشيء الكثير بصراحة، ثقافة الأنشطة اللاصفية في الجامعات لا بد أن تكون أكثر إتساعاً و حداثة ممن هي عليه الآن في بلادنا ، الكثير من الأسماء الشعرية العالمية كانت بداياتها بمثل هذه الأنشطة. أما عن المؤسسات الثقافية فأنني متفائل بما يحدث من تغيير في هيكلتها وأهدافها هذه الأيام. 

  ما هي مشاريعك الثقافية القادمة ؟ 
أعمل على كتاب شعري مترجم منذ العام 2017، ويضم مئة إسم شعري بمائة قصيدة من حول العالم أ
اتوقع الانتهاء منه هذا العام، بالإضافة إلى مجموعة شعرية جديدة. 

الخريج هل يجب أن يبقى على تواصل مع جامعته ؟ و كيف هي علاقتك اليوم مع الجامعة . 
من المثالي و الجميل أن يبقى الخريج على صلة مع جامعته و أنشطتها. لاتزال بعض الصلات بجامعتي بالتأكيد ولدي أصدقاء النبلاء  ممن أصبحوا أساتذة فيها. 

هل من كلمة أخيرة ؟
أشكر صحيفة أفاق لإتاحة هذه الفرصة و التواصل مجدّداً مع جامعتي، جامعة الملك خالد التي أفتخر أنني أحد خريجيها وأتمنى لكم دوام التوفيق والنجاح.