
«كان ميّتًا! وعرضوا عليه الحياة مرة أخرى»
أيُّ حياةٍ تلك التي تستحقُ التّكرار؟
هل دُفنتُ دونَ أن أدري مع موتى تي اس ايليوت في الأرضِ الخراب، حلمتُ بطفولتي واستجديت زخّةَ الخلاصِ من سماء عذرية زرقاء، هل رأيتُ الخوفَ في" حفنةٍ من تراب" وبُعثتُ من جديد!
أيُّ معنًى مجيدٌ في حياتي السابقةِ يستحقُ التكرار!
أبحث عن المعنى لأدلّ الطريق مصافحًا فيكتور فرانكل، أجرّه من مرفقه وقدمُه مغلولةٌ في قضبانِ زنزانته النازية. أبحثُ عن المعنى معية جوردين باتيرسون نناضلُ ضلالاتِ ما بعدَ الحداثةِ، ونثقُ بوجودِ سرديةٍ لهذا العالَمِ. أبحثُ ورسالة ريلكه للشاعرِ الشّاب منحوتةٌ في صدري، شجاعٌ بما يكفِي "أمامَ ما هو أغربُ وأبعثُ على الدهشةِ، وأقلُّ قابليةً للإيضاحِ".
هل تكونُ حياتي القادمةُ محاكاةً لحياةِ إدغار الان بو؛ تموتُ فيها امرأةٌ جميلةٌ، وتلهمُهُ غرابًا أسودَ! وكأنَّ الحدَثَ برمّتِهِ متعةٌ شعريةٌ رومانسيةٌ سوداءُ، أم أعيشُ حياتي لأشهدَ مأساويتَها على طريقةِ شوبنهاور! وكأنّ المعنَى كلَّهُ نكايةٌ بالمعنى.
لا أنوي التقعرَ في الكلماتِ مع فيتغنشتاين واللغةُ فخٌّ لن أعبرَ فيهِ، لكنني أبحثُ في مادةِ الحياةِ! وأتجنّبُ أنْ "أُقذفَ في العالمِ" رفقةَ هايدجر متورّطًا في البحثِ عن ماهيتي. على الرّغمِ من ألمعيةِ الوجوديينَ منقطعةِ النظيرِ وتحمّلِهم مسؤوليةِ التجربةِ والاختيارِ والماهيةِ، إلَّا أنّني أبحثُ عن حياةٍ لا تتجانسُ و نظريةَ الأكوانِ المتعددة، ولا ترغمُنِي في النِّهايةِ على ممارسةِ التأمُّلِ أو الرواقيةِ أوالبوذيةِ للتنقيبِ عن العلة من داخلي؛ بعد أنْ فشلتْ فيزياءُ الكمِّ في تفسيرِ السببِ، أبحثُ عن حياةٍ لا تبدأُ من عدمٍ ولا تنتهي بفناءٍ، حياةٍ لاتشبهُ الحياةَ.
حكمةُ العوامِّ لم تكنْ مخيبةً، فلا يعنيهمُ المعنَى ولا تُربكُهم فجاءَةُ الوجودِ، ويخدّرُهمُ المالُ والجنسُ والشهرةُ والنجاحُ حتى يُقضى نحبُهم، يقيمونَ في وعي دونالد هوفمان ويعيشون محاكاةَ جمعيةٍ "موهومة ومكيّفة". هل أرفضُ الحياةَ مرةً أخرَى، أرفضُ معضلةً استغرقتْ البير كامو العمرَ كلَّهُ، عندما ساوَمتْه نفسُه على الانتحارِ، الانتحارِ الذي كان لسيوران عزاءً في لياليهِ السوداءِ وعملًا متفائلًا متفانيًا.