بما أنّكم تسألون، فأنا لا أتذكّرُ معظمَ الأيّامِ.
أسيرُ في لباسي، ولا أشعرُ بزخمِ الرّحيل.
هكذا يعاودُني ذاك الشّبقُ الذي لا يُسمَّى.
حتّى إن لم يكن لديَّ شيءٌ ضدّ الحياةِ حينَها،
فأنا أعرف جيّدًا شفيرَ الأعشابِ التي تذكرون،
وذلك الأثاثَ الذي وضعتموه تحتَ لهبِ الشّمسِ.
غير أنّ الانتحاراتِ لها لغتُها الخاصّةُ.
تمامًا كالنّجَّارِ
الذي يريدُ أن يعرفَ كيفَ يستخدمُ الأدواتِ،
دون أن يسألَ مطلقًا: لماذا يبني؟
لمرَّتَينِ وببساطةٍ أعلنتُ عن نَفْسي،
امتلكتُ العدوَّ، ابتلعتُ العدوَّ،
وعلى مَرْكبِهِ أخذتُ معي سِحْرَه.
وفي هذه الطّريقِ، مُثقلةٌ ومُستغرقةٌ
أدفأُ منَ الزّيتِ أوِ الماءِ،
استرحتُ،
وسالَ مِن فوَّهةِ فمِي اللُّعابُ.
لم أفكّرْ في جسدي عند وخزِ الإبرةِ.
حتّى قرَنيَّتيّ وما بقِي فيَّ من بَوْلٍ، اختفيا.
الانتحاراتُ كانت قد خانتِ الجسدَ مسبقًا.
الصّغارُ لا يموتونَ عادةً،
غير أنهم ينتشونَ،
لا يستطيعون نسيانَ لذَّةَ مُخدِّرٍ
حتّى أنّ الأطفالَ سينظرونَ ويبتسمون.
أن تَسحَقَ تلكَ الحياةَ كلَّها تحتَ لسانِك!
ذلك وحده يستحيلُ شغَفًا.
ستقول: عَظْمةُ بائسةُ للموتِ، كَدمةُ حزينةُ.
مع ذلك ستنتظرُني هي عامًا بعد عامٍ،
لتمحوَ برقَّةٍ جُرحًا قديمًا،
لتُخلّصَ شهقتي من سجنِها الكريهِ.
نتساوَى هناك، الانتحاراتُ تلتقي أحيانًا،
نحتدمُ عند فاكهةٍ وقمرٍ منتفخٍ،
تاركينَ كِسرةَ الخبزِ التي أخطأتْها قبلاتُهم.
تاركينَ صفحةَ كتابٍ مفتوحةً مُهملةً،
وسمَّاعةَ هاتفٍ معلَّقةً
لشيءٍ لم يُلفظْ بعد،
أمّا الحبُّ، أيًّا يكونُ، فليس سوى وباءٍ.
________
* كتبت
آن سكستون هذه القصيدةَ للإجابةِ عن السّؤال الذي وجّهه العالم إليها وإلى صديقتها
سيلفيا بلاث وغيرهما ممن حاولوا الانتحار: «لماذا تريد قتل نفسك»؟
"Wanting to Die” from The Complete Poems by Anne Sexton, 1981 by Houghton Mifflin Company. Copyright by Linda Gray Sexton